تأثير مزاج السوق على حركة العملات: عندما يصبح السوق كائناً حساسًا

عند الحديث عن سوق العملات الأجنبية (الفوركس)،

غالباً ما يتبادر إلى الأذهان الرسوم البيانية،

المؤشرات الفنية، والأخبار الاقتصادية.

لكن ثمّة عامل خفيّ لا يقلّ تأثيراً

 بل وقد يتفوق على غيره أحيانًا

وهو ما يُعرف بـ “مزاج السوق”.

نعم، كما أن الإنسان يمرّ بأيام يشعر فيها بالحماس

وأيام أخرى بالكآبة،

فإن السوق أيضاً يمتلك مشاعر ومزاجًا

عاماً يؤثر في قرارات المستثمرين وسلوكهم.

ما المقصود بـ مزاج السوق؟

هو الانطباع العام أو الشعور

السائد لدى المستثمرين تجاه المخاطر.

بمعنى آخر: هل السوق في حالة

من التفاؤل والاستعداد للمخاطرة؟

أم أنه خائف ويميل إلى الحذر والتحوّط؟

•عندما يسود التفاؤل:

يميل المستثمرون إلى شراء

العملات ذات العوائد المرتفعة،

مثل الدولار الأسترالي والنيوزيلندي.

•أما في أوقات القلق والتوتر:

فيتجهون إلى ما يُعرف بـ “الملاذات الآمنة”

كاليَن الياباني، الفرنك السويسري،

أو الدولار الأمريكي.

أمثلة واقعية على تقلّب المزاج

•في حال اندلاع أزمة مصرفية أو انهيار اقتصادي مفاجئ، يتجه السوق نحو الحذر،

فترتفع قيمة العملات الآمنة.

•وعند توقيع اتفاق تجاري بين دولتين كبيرتين،

يعمّ التفاؤل، مما يدفع المستثمرين نحو

العملات ذات المخاطر العالية.

•حتى التصريحات الرسمية،

أو أحيانًا مجرّد تغريدة من شخصية سياسية،

قد تكون كافية لتغيير المزاج العام للأسواق.

كيف نرصد مزاج السوق؟

رغم أنه لا يمكن قياسه بأداة واحدة واضحة،

إلا أن هناك مؤشرات تعكسه بشكل غير مباشر:

•مؤشر التقلب (VIX):

يُعرف بمؤشر الخوف،

وكلما ارتفع دلّ على تزايد التوتر في السوق.

•تحركات الذهب:

يُعد ملاذًا تقليديًا في أوقات الخوف،

فارتفاعه إشارة واضحة إلى اضطراب المزاج.

•الفروق في عوائد السندات:

تُظهر شهية المستثمرين للمخاطرة

أو نفورهم منها.

لماذا من المهم فهم المزاج العام؟

لأن السوق لا يتفاعل دائمًا بمنطق

مباشر مع الأخبار.

في بعض الأحيان، يصدر تقرير اقتصادي

إيجابي ومع ذلك تتراجع العملة،

فقط لأن السوق كان يتوقّع ما هو أفضل.

وفي أحيانٍ أخرى،

يظهر تقرير سلبي ولكن السوق يرتفع

لأنه “تنفّس الصعداء”، بعدما توقّع الأسوأ!

مثال: صدور تقرير توظيف ضعيف

في الولايات المتحدة، ومع ذلك يرتفع الدولار. لماذا؟

لأن الأسواق كانت تستعد لبيانات كارثية، فحين جاءت البيانات “أقل سوءًا”، ساد الارتياح.

كيف يتعامل المتداول مع مزاج السوق؟

1.راقب الأخبار، لكن راقب ردّ الفعل أكثر:

ليس كل خبر يُحرّك السوق بنفس الطريقة كل مرة.

2.لا تعاكس التيار: إن كان السوق يميل

إلى الحذر، فكن حذرًا كذلك، ولا تُغامر.

3.افهم سيكولوجية الجماهير:

السوق تحكمه مشاعر البشر،

والخوف والطمع يلعبان دور البطولة دائمًا.

الخلاصه

سوق الفوركس ليس فقط مجموعة

من الأرقام والمؤشرات، بل هو انعكاس

لمشاعر المستثمرين وتقلّباتهم النفسية.

وكلما فهمت هذا المزاج وتابعت تحوّلاته،

كلما استطعت أن تكون في المكان

المناسب، وفي الوقت المناسب.

المتداول الناجح لا يقرأ السوق فحسب…

بل يشعر به أيضاً.

الخاتمة